تحليل المباراة لا علاقة له بالنتيجه
يقول المدرب الفرنسي ارسين فينجر أن تحليل المباريات ليس له اي علاقة بالنتيجه ومن الاخطاء التي يقع فيها الجمهور التحليل للمباريات عطفا علي النتيجة وفي هذه الناحية ظلم لعمل الاجهزة الفنية التي يختصرها البعض في خطأ (فردي) لا يقدح في الرؤية الفنية والتكتيكية والعمل الجماعي للفريق ، فالخطا الفردي يمكن ان يقع فيه (لاعب) نتيجة (شرود ذهني) او (سوء تقدير) وهذه لا يسأل عنها المدرب ولا يقيم بها لاعب لانها من مسلمات لعبة كرة القدم لانها لعبة الاخطاء ومدي استثمارها من قبل المنافس وفي كثير من الأحيان يكون لعامل التوفيق فيها حجر الزاوية.
لذلك يجب أن تكون نظرة تحليل المباريات مبنيه بالاساس على مراحل اللعب الاربعة (الهجوم/الدفاع/ التحول من الهجوم للدفاع/ التحول من الدفاع للهجوم) ، لانها أساس العمل الجماعي وهي فلسفة المدرب ومدي إلتزام اللاعبين بخطة المدرب وتنفيذها ومدي موائمة طريقة اللعب وقدرات اللاعبين وما يحسب للجهاز الفني بالهلال انه استطاع ان يوجد شكل فني جعل اللاعبين يقدمون أداء جيد جدا فقط تنقصه عوامل لا علاقة لها بتنظيم الفريق ولا قدرات اللاعبين.
لذلك علي المحلل عند الهجوم ان يرى ما الذي يحدث اثناء امتلاك الكرة ، وكيفية ايجاد منافذ للتمرير ، وايضا كيف إستغلال المساحات كعمل جماعي يحسب للمنظومة وليس قدرات لاعب محدد يمكن ان يقدم هذه الخدمة لان عمل المدرب يحسب بناءا علي العمل الجماعي وليس العمل الفردي للاعب يمكن ان يكون هدف للمنافس يعمل علي اللعب عليه لهدم اساسيات العمل الجماعي او اللاعب علي اخطاء لاعب.
والمتابع لمباريات الهلال الثلاثة امام بيترو اتلتكو الانغولي والترجي التونسي والنجم الساحلي التونسي يدرك هذه النواحي عطفا علي العمل الجماعي للاعبين في عمليتي التنظيم الدفاعي والتنظيم الهجومي والتحولات التي تصاحبها ، وهذه تحسب للمدرب كمشرع واللاعبين كتنفيذين لرؤية المدرب ، لان هذه الرؤية تبني من قبل المدرب كمنهج تكتيكي مضاد عطفا علي مزايا الفريق المنافس في حالتي التنظيم الدفاعي ، والتحول الهجومي.
فعند الدفاع يجب ان يلاحظ المحلل اي نوع من انواع الضغط يمارسه الفريق (عالي/ متوسط/ بسيط) وبنائا على ذلك تمركز اللاعبين ، وهذه النقاط إذا تمركز دور المحلل في فك طلاسمها يلاحظ مدي التغيير الكبير الذي طرأ علي شكل الهلال بفضل جهود المدرب واستيعاب اللاعبين للمطلوب.
وللامانة هذه النواحي تحسب للتقني الكنغولي فلوران ابينجي فقد أصبحت من علامات شخصية الفريق ولكن الاخفاق في استثمار الفرص في التنظيم الهجومي او العمل الفردي في التنظيم الدفاعي تبقي مسؤولية اللاعبين لان المدرب في عموم التنظيم يعمل علي استغلال قدرات المجموعة في ايجاد الفرص وذلك كان حاضر في مباراة الهلال الأخيرة امام النجم الساحلي التونسي ولكن مدي استثمار الفرص لا يمكن ان تقع مسؤوليته علي عاتق المدرب لانها عملية تعني باللاعب ومدي توفيقه كما حدث في هدف النجم الساحلي القاتل الذي نتج عن سوء تقدير في تشتيت الكرة وتوفيق لاعب النجم في التنفيذ والخطا من التشتيت لا يحسب علي المدرب ولا جودة التنفيذ في التسجيل لمدرب النجم صلة بها انما هي توفيق وعدم توفيق من قبل اللاعبين في المقام الأول.
اما عند التحول من الدفاع للهجوم هل يضغط الفريق ويعتمد على الهجمات المعاكسة ، ام يتريث ويعتمد على البناء البطئ ، هل يقوم باللعب الطولي المباشر ام يستغل اطراف الملعب ، وهذه النواحي يمتلك لاعبي الهلال بفضل عبقرية المدرب فيها قدر كافي في السحب واستغلال المساحات والسرعات للاعبي الاطراف الهجومية ومزايا الغربال في العمق الهجومي مع الزيادة من الخلف ، ولكن هنالك غياب لمسالة الحلول الفردية في استغلال الكرات الثابتة او المعكوسة التي حتما لا يمكن ان تجود بين ليلة وضحاها انما تحتاج الي وقت وعمل في التدريبات وتطبيق في المباريات الاعدادية او مباريات الدوري ، وهي في الأصل قدرات فردية يتميز بها لاعب بعينه يحتاج الي اللعب من اجل اكتساب فورمة المباريات ، والكل يعرف أن لاعبي فريق الهلال تنقصهم حساسية اللعب التنافسي المتواصل نتيجة غياب مباريات الدوري التي تكسب اللاعبين فورمة المباريات وانتخاب افضل الاساليب في عملتي الانضباط الدفاعي وجودة التنفيذ في حالة اللعب الهجومي وهذا أمر واقع فرض علي الهلال إذا اغفله المحلل فعليه ان يراجع علاقته بالتحليل ، لان التحليل لا يعني فقط الوصف لمجريات المباراة انما اسقاط الظروف التي تؤثر علي اللاعبين مدي جودة حرفية تنفيذ المهام أثناء سير المباراة.
ويجب ان يدرك المحلل العمل الذي يتم عند التحول من الهجوم للدفاع ، هل يقوم الفريق بالضغط العالي المباشر ، ام يعود لتنظيم صفوفه ويدافع بشكل جماعي ، وهذه النقاط لكل صاحب إدراك تكتيكي يلاحظ المهام المؤكلة للاعبين في وسط الملعب (بوغبا/ صلاح عادل/ الصيني) فقد ادوا المهام المطلوبة بدرجة امتياز لا تقل عندي عن (8 من 10) عندهم جميعا.
وكذلك عمل الاطراف الهجومية (جون كلود/ وياسر مزمل/ وبابي عبدو بعد دخوله) وكذلك الاطراف الدفاعية (خادم دياو/ واستيفن ايبويلا) مع رباعي خط الظهر ومن خلفهم الحارس فوفانا.
فالهلال لعب علي منع مزايا المنافس في الوصول لمرمي عيسي فوفانا ، عن طريق الاطراف وعن طريق التحضير في وسط الملعب من خلال اللعب الطويل استثمار قدرات اللاعبين في وسط الملعب في فتح اللعب عن طريق الاطراف لعكس الكرات وهذه الميزة هي التي تتفوق بها اندية تونس وشمال افريقيا عموما. كما عملت فلسفة التقني الكنغولي فلوران ابينجي علي تحقيق الفعالية الهجومية عطفا علي الفرص التي وجدت في المباراة وكانت فرص حقيقية كل فرصة منها هدف ولكن تأثر اللاعبين لعدم اكتمال فورمة المباريات لغياب اللعب التنافسي وسوء ارضية الملعب نتيجة الامطار التي أثرت علي الهلال في الفوز الذي عمل له الجميع وكان في متناول اليد ولكن المجنونة قالت لا ، لان طريقة لعب الهلال تقوم علي اللعب الممرحل في التحول من وسط الملعب بواسطة صلاح عادل وارسال التمريرة المتوسطة في الفارغ للاطراف الهجومية لاستغلال عامل السرعة وضرب دفاعات المنافس.
وعلي المحلل كذلك عند الضربات الثابتة الهجومية ، ان يحاول استخلاص تحركات اللاعبين في الصندوق ، وكذلك طريقة تنفيذ الركلة سواء بالاعتماد على التنفيذ المباشر ام الاعتماد على الجمل الخططية.
وعند الضربات الثابتة الدفاعيه ترى كيف يدافع الفريق ، هل بنظام دفاع المنطقة ام دفاع رجل لرجل ام دفاع مركب.
كل هذا مجرد مدخل علي للجمهور لفهم وادراك اهمية التحليل او بشكل اخر لكي ترى المباراة بعين المدرب وليس المشاهد.
لذلك قد يري مشجع ضرورة وجود لاعب (بعينه) في تشكيلة الفريق ولكن تناغم المجموعة في تنفيذ المهام يتطلب غيابه لان المدرب ينظر الي العمل الجماعي وليس القدرات الفردية خصوصا حينما تلعب مع فرق منظمة وتعتمد اسلوب محدد في تحقيق اهدافها من المباريات.
لذلك نقول دائما ان المدرب ادري الناس بقدرات لاعبيه ومدي قدرتهم في تنفيذ المهام.
عليه من اللا انصاف ان نقيم (لاعب) بناءا علي (خطأ) ولا (مدرب) عطفا علي (النتيجة) التي تؤثر فيها أحيانا عوامل لا صلة لها بالنواحي الفنية او التكتيكية.
خسارة الهلال لمباراة النجم الساحلي التونسي كانت نتيجة لدوافع المنافس ، وتفوقه في النواحي البدنية بالرغم من جودة الهلال فنيا وتكتيكيا ، إضافة الي الظروف الطبيعية التي صاحبة المباراة والتي كانت تتطلب مجهود مضاعف نتيجة ارضية الملعب وما صاحبها من ابتلال فكان الجهد مضاعف مما اثر علي تركيز اللاعبين وبالنظر لفوارق الإعداد التي خدمة النجم الساحلي التونسي الذي يلعب في دوري قوي ويملك لاعبيه جهازية المباريات التنافسية وغياب هذه الناحية عن فريق الهلال الذي يلعب دون دوري هي أساس الخسارة… فهل ما تقدم يحسب للهلال لاعبين وجهاز فني ام عليهم؟
إذا اخفق التحليل في معرفة الاسباب التي يمر بها الفريق لن يعطي قراءة حقيقة ويصبح فيه ظلم للاعبين الجهاز الفني
الكاتب .. أحمد الصديق أحمد البشير