الجندي المجهول والعليقي جمل الشيل .
أختارت فرنسا بعد الحرب العالمية الاولي عام 1918 ثمانية جثث لابطال مجهولي الهويه ووضعت كل جثه في نعش كبير ونقلت هذه الجثث لباريس واقيم لها احتفال كبير بحضور كبار رجالات الدوله والمواطنين وساروا بهم في تشييع مهيب حتي وصلوا الي منطقة قوس النصر في باريس ودفنوهم في ذلك المكان ليكون رمزا لكل جندي مجهول الهوية ضحي من اجل فرنسا واصبح المكان مزارا للاسر التي فقدت ابنائها ولكل من يريد تكريم جنود غير معروفين بالاسم ولكن معروفين بالتضحية وبمرور الوقت تحول الامر الي ما يشبه المثل الذي يُضرب علي الانسان صاحب نكران الذات والذي يهتم بالعمل والتضحية من اجل الاخرين دون ان يبحث عن شهرة او مجد فيصبح مثل الجندي المجهول رغم انه معروف بالاسم ولكنه اخذ من صفات الجنود الذين قاتلوا من اجل اوطانهم فقط ..
وفي داخل ملاعب كرة القدم فان الجندي المجهول في الغالب الاعم يكون من اللاعبين أصحاب النزعة الدفاعية وخصوصا لاعبي الارتكاز اصحاب الطاقة الجبارة والذين يغطون علي اخطاء زملائهم ويتحملون الكثير من الضغط دون ان يحرزوا الاهداف او يستمتعون بجماليات كرة القدم فهم مثل الجنود في ميدان المعركة وهناك نجوم كثير يمكن ان نضرب بهم المثل مثل كانتي نجم ليستر سيتي وشيلسي سابقا وردريغو نجم السيتي الذي اخذ حظه بعض الشئ من الاعلام مؤخرا وضرب البعض مثلا ببوغبا في الهلال خصوصا في المباريات الاخيرة رغم اختلافنا معهم ونذكر هنا مجاهد ايام مجده في الهلال وغيرهم من اللاعبين اصحاب المجهود الذين تخطف منهم الاضواء للمهاجمين بسبب طبيعة كرة القدم التي تحسم بالاهداف ..
وفي أنتصار الهلال الاخير الكثير من الجنود المجهولين في مقدمتهم الاداريين الذين تركوا أسرهم وتحملوا السفر والسهر وقلق الاتصالات للاطمئان علي اسرهم مثل عبد المهيمن ألامين وعوض طاره والمدرب خالد بخيت واخرين متواجدين مع البعثة المتنقلة من دولة لاخري ولكنني اود ان اقف هنا امام شخصية أستثنئاية في الوسط الرياضي بشكل عام والوسط الهلالي هذه الايام علي وجه الخصوص وهو نائب الرئيس ورئيس القطاع الرياضي الشاب محمد ابراهيم العليقي الذي ينطبق عليه الكثير من صفات الجندي المجهول ولكن صفاته الاصيلة هي الصمود والصبر والتحمل فهو مثل الجبل قادر علي تحمل كل هذه الضربات من الاعلام والجماهير بعد كل اخفاق للهلال داخليا او خارجيا وبعد فشل اي لاعب من لاعبي التسجيلات وما اكثرهم .. العليقي يتحمل بقوة الجبال .. لا ينفعل ولا يرد ولا يبخل فبعد فشل اي لاعب تجده مجتهدا في تسجيل لاعب جديد وبعد كل اخفاق تجده مجتهد من اجل نجاح ومع ذهاب اي مدرب يبحث عن مدرب بسيرة ذاتية افضل .. في ظروف السودان المعقدة والتي كان من المعقول والمقبول ان يغيب فيها الهلال عن التسجيلات وان يعتذر عن المشاركات الخارجية تقدم العليقي الصفوف واشرف علي التسجيلات في هذا الضغط الاقتصادي والحالة الضبابية واصر علي مشاركة الهلال الهلال افريقيا ووقف علي تفاصيل كل هذه المعسكرات .. قد نتفق معه وربما اختلفنا معه كثيرا في طريقة ادارته للفريق وفي اشرافه علي التسجيلات وفي عدد اللاعبين الاجانب وفي قرارات كثيرة ولكن يستحق ان يكون في مقدمة من يقدم لهم الشكر علي الفرحة الكبيرة بالفوز علي الترجي والمستوي الذي ظهر به الهلال في تلك المباراة والذي لم ياتي بالصدفة بل بعرق ومجهود وتضحيات تحمل فيها العليقي الكثير ..
حالة الاستثناء التي اتحدث عنها ان العليقي احد رجال المال والاعمال في السودان واحد الذين يتعرضون للهجوم لم يحاول في يوم من الايام الرد ولم تخرج عنه كلمة تسئ لاحد ولم يسعي مثل معظم الاعلاميين لتكوين حاشية من الاعلام تدافع عنه أو يصدر صحيفة وهو قادر علي ذلك .. العليقي يرد دوما بالصمت الذي يحمل الكثير من الكلام وبالعمل الجاد وبالصبر .
قد يكون العليقي مخطئا حتي في الكثير من الصمت لان هناك امور تستحق التوضيح وقد يكون مخطئا في بعض الاختيارات للذين يعملون بجانبه في الهلال الان وقد يكون وقد ولكنه في النهاية يعمل باخلاص وبروح المشجع العادي الذي لا يتلفت للاعلام او لابراز انجازاته بل يقفز فرحا في المباراة ويعانق اللاعبين ويعود منتشيا هادئيا من ملعب الهلال او ملاعب افريقيا الكثيرة .. كان بامكان العليقي ان يخرج بتصريح قوي في لحظة القوة بعد الانتصار علي الترجي مثلما يفعل الكثير من الاداريين الذين يعيشون تحت الضغط ثم ينتهزون مثل هذه الانتصارات للرد علي منتقديهم ولكن العليقي لم يتحدث ولم يتحدي مؤكدا علي شخصيته البسيطة ومحبته الشديدة للهلال .. هو ليس بجندي مجهول ولكنه رجل صبور ومعطاء .. سنعود لننتقده في الكثير من الاخطاء التي ارتكبها ولكننا واثقون من انه يتفهم النقد وانه يعرف جيدا بانه لابد ان يخطئ طالما انه يعمل وربنا يوفقه في عمله وان شاء الهلال منتصر علي الليتوال وكلنا فرحانيين .