الترجي والخبث الكروي
كنا نعتقد ان الارقام لا تكذب ولا تتجمل حتي علمتنا الحياة ان الارقام تكذب وتتجمل ايضا وان اسرار الحياة اكبر من ان تحسبها بالة حاسبة لانها ضد المنطق والواقع وحبلي دوما بالمفاجاءات وان الواحد القهار فقط هو القادر علي معرفة كل الاسرار وقراءة المستقبل .. نكتب قبل ساعات من لقاء الهلال والترجي وشكرا لكل هذه التكنلوجيا التي جعلت ذلك ممكنا ففي ايام الصحافة الورقية كنا ملزمين ان نكتب قبل ساعات طوال لتكتمل رحلة طويل قبل ان تصل الصحيفة الي ايدي القراء في صباح اليوم التالي .. نكتب عن لقاء الترجي بذكريات الافراح والاحزان وهلال امدرمان المنكوبة حيث شهد ملعبنا العتيق احد اكبر لحظات التحدي ايام المرحوم الزعيم الطيب عبد الله عندما قرر ان يؤدي الهلال مباراة الرد امام الترجي في الساعة الثالثة ظهرا .. كان ذلك القرار معبرا عن شخصية قائد شرس وصاحب افكار مختلفة قد نتفق او نختلف معه في الكثير من القرارات او طريقة ادارته ولكنه يبقي احد الرجال اصحاب المواقف القوية والمبادرات والافكار المبتكره .. اختار الطيب عبد الله اللعب نهارا لانه كان يعلم ان الترجي الذي هزم الهلال في لقاء الذهاب بخماسية من الصعب جدا ان تفوز عليه لو لعب مرتاحا وكان الطيب يعلم بالفوارق الفنية بين الفريقين لذلك استعمل الاسلحه الموجودة لديه وهي عامل الطقس وجلس مع اللاعبين في ذلك النهار الحار رغم تقدمه في السن ورغم الخطوره الصحية بسبب السحائي وانتهت المباراة الشهيرة بالتعادل هذه اقوي اسلحة الهلال التي استعملها ضد الترجي وهي في النهاية اسلحة رياضية اقرها الاتحاد الافريقي بتحديده لمواعيد المباريات نهار حيث كان يوافق علي اداء المباريات ابتداء من الثالثة عصرا وكان الزعيم الراحل يريدها ان تبدا عند الثانية ان لم تخني الذاكرة . ومنذ ذلك التاريخ فان الترجي يستعمل في كل الاسلحة النووية ضد الهلال وبعيدا عن حقوقه القانونية في استعمال الاسلحة من ارض وجمهور وجو ومواقيت فالترجي تعود علي الاستعانه بالحكام لهزيمة الهلال عندما يكون ضعيفا ونحن لا ننكر ابدا قوة الترجي كما اننا لم ننكر من قبل قوة الاهلي ولكن الفريقين يدعمان هذه القوة بالقدرة علي استمالة الحكام ويستغلان تماما التواجد القوي لمصر وتونس في الاتحاد الافريقي كما ان الترجي استغل في فترة من الفترات وجود رئيسه سليم شيبوب الذي حكم الترجي من اواخر الثمانينات وحتي عام 2004 وكان احد اقوي الرجال في تونس وهو صهر ألرئيس بن علي واحد المقربين له لذلك حول الترجي فعلا الي دوله . نقول بكل شجاعة ان الترجي استحق الفوز علي الهلال في مباريات عديدة وباهداف كثيرة ولكنه انتزع حق الهلال في واحده من اجمل مبارياته مع جيل متميز عندما هزمه الهلال في امدرمان وتقدم عليه في تونس بهدف طمبل الشهير ولكن حكم اللقاء قلب اللقاء راسا علي عقب وتحولت المباراة في اخر ربع ساعة الي ساحة حرب استعمل فيها لاعبو الترجي بقيادة خالد بدره كل شئ امام اعين الحكم الذي ساعدهم بطرد لاعب من الهلال وحقق الترجي الفوز وخرج الهلال من البطولة ..
عندما يقابل الهلال الترجي فاننا نتذكر المقولة التي يرددها المعلقون التوانسة دوما (الخبث الكروي) وهذه احد اسلحة اندية شمال افريقيا التي نالت نصيب الاسد من البطولات الافريقية ونحمد الله علي براءة الهلال والشعب السوداني من هذا الخبث الذي يسرق عرق الرجال جهارا نهارا .
يلعب الهلال منذ الستينات في هذه البطولة بعيدا عن الخبث الكروي بل يستمتع نجومه بالكرة من ايام جكسا ويمتعون الجماهير بعيدا عن التركيز علي الفوز بالبطولات والتي اصبحت هوسا في الفترة الاخيرة خصوصا بعد ان اصبحت كرة القدم احترافية واصبحت جوائزها بملايين الدولارات .
دول شرق ووسط افريقيا تلعب بعفوية كبيرة وليست لها السيطرة علي الاتحاد الافريقي كما ان دول الغرب الافريقي والتي يملك لاعبوها مهارة تفوق مهارات الشمال الافريقي لا تركز كثيرا علي البطولة وتهتم بتفريخ اللاعبين الي الاندية الاوربية وحتي اندية الشمال الافريقي التي لا تخلو من لاعب من الغرب الافريقي حيث القوة الجسمانية والمهارة .
بعد ان تخلصت جنوب افريقيا من الفصل العنصري أضافت للكرة الافريقيه جمالا وروعة فكان صن داونز الذي نعترف بانه اقوي من الهلال حيث باستطاعته ان يفوز علي دول الشمال حتي ولو كان معهم الحكم وحتي ولو كان الفريق ناقصا لاعبا بالبطاقة الحمراء .. صن داونز بعبع افريقيا يلعب الكرة بدون خبث كروي وبمتعة وجماليات ويفوز بالبطولات ..
نلتقي الترجي اليوم بذكريات جميلة وانتصارات تاريخية في ملعبنا في امدرمان بجانب اقصاء الترجي في موسم 2007 والتاهل لنصف النهائي مع الاهلي القاهري لنقابل النجم الساحلي بسبب جبن المدرب البرازيلي ريكاردو الذي فضل التعادل مع الترجي بعد ان ركن الي الدفاع رغم ان الهلال كان متاهلا اصلا وكان بمقدوره ان يهزم الترجي لو لعب مهاجما او هكذا كان من المفترض ان يلعب ليتصدر مجموعته ويتجنب مواجهة النجم الساحلي .. نلتقي الترجي اليوم بعيدا عن ارضنا عن امدرمان الحبيبة وبفريق مشتت الذهن وبدون دوري ولكننا وكما عادتنا ننتظر فوز الهلال وانتفاضة الهلال وفرح الهلال وقوة الهلال التي ظهرت كثيرا عند الشدائد .. فعزم الرجال وروح التحدي كما يقول اخوتنا في تونس قادرة علي خلق المعجزات .
الهلال والترجي مباراة تحدي والترجي في افضل حالاته والهلال يبحث عن ذاته ولكن العشم موجود والحياة امل والترجي نفسه اسمه الامل فهل ننتصر بالامل علي الامل .. اميين